المدير العام Admin
الجنس : عدد المساهمات : 1679 نقاط : 3162 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 17/11/2009 العمر : 34 الموقع : الجزائر
| موضوع: ♣ طلابنا يبحثون، يلاحظون ويكتشفون ♣ الثلاثاء 08 ديسمبر 2009, 22:36 | |
| تقف وراء البحث العلمي دائماً عدة عوامل أهمها التربية وزرع روح حب النظر والتأمل والفحص لدى الابن في البيت والتلميذ في المدرسة والطالب في الجامعة، فالقراءة قراءتان ولا تغني إحداهما عن الأخرى: قراءة الكتب المسطورة وقراءة صفحات الكون المنظورة. وكلمة «استقراء» مشتقة من مادة «اقرأ» وتعني الفحص والنظر الدقيق، ثم وضع فرص، ثم بالتعميم صياغة قانون يفسر الظاهرة موضوع الملاحظة، وذلك بعد القيام بالتجارب المعملية بالنسبة لبعض العلوم وإعادة الملاحظة والتصنيف الدقيق للمعطيات، بالنسبة لعلوم أخرى.
الاكتشاف والصدفة نقطة البداية في كل بحث علمي منهجي منظم هي الملاحظة المقصودة المتعمدة الواعية، وليست الملاحظة العابرة المرتبطة بالصدفة. لا ننكر دور المصادفة في الاكتشافات، فقد يحدث أحياناً عند البحث عن بعض المعرفة، أن نعثر على شيء يختلف عنها تماماً، وإن كانت له القيمة نفسها، وربما أكبر، ويسمى هذا (اكتشافاً بالصدفة)، ومع أن المصادفة قد تؤدي إلى اكتشافات مهمة فإنها من الندرة حتى إنه لا يجب الاعتماد عليها. ومن الأمثلة المشهورة على هذا: تلك المصادفة التي حدثت لألكسندر فليمنج عام 1930م، عندما كان يقوم بدراسة نمو البكتيريا في إناء صغير، ولاحظ أن نمو البكتيريا قد توقف عندما أحاط بها فطر وصل إلى الإناء بالصدفة، وقتلها، وهكذا كان اكتشاف البنسلين الذي جاء منه هذا الفطر، والذي أصبح من المضادات الحيوية المهمة.
تقدم أدوات البحث لكن علينا أن نلاحظ أنه حتى في هذا المثال الشهير كان هناك مجهود قام به الكسندر فليمنج، فقد كان يقوم بدراسة نمو البكتيريا في إناء صغير، ثم إنه بعد ذلك قام بملاحظة ما حدث عندما أحاط بها فطر (مصادفة). بذل المجهود وتوجيه الطلاب إلى بذل المجهود مع تقدم أدوات البحث والمعلم المتفرغ للمعمل، أو فلنقل المعامل في المدرسة الواحدة، أمور ضرورية لتخريج طلاب مبتكرين باحثين. والحق أن المصادفة المثمرة تحدث للشخص المدرب على الملاحظة والذي لديه المعرفة الكافية لتقدير دلالتها، وقد عبّر باستير عن هذه الفكرة عندما قال بأنه في ميدان الملاحظة تحابي المصادفة العقل المستعد لها، وعندما نتكلم عن اكتشاف أرشميدس لقانون الطفو ونقول إنه حدث وهو يستحم وفجأة حتى إنه خرج مهرولاً صائحاً: وجدتها. لابد من أن نذكر دور المعاناة وبذل المجهود، فأرشميدس لم ينم في حجرته ثم جاءه قانون الطفو ليوقظه من نومه، وإنما بذل جهداً، وفكّر ودرس شهوراً.
هناك فرق.. إننا في البحث العلمي ومن أجله ندعو إلى الملاحظة المعتمدة، فالملاحظة العابرة هي ملاحظة رجل الشارع أو المرأة في بيتها، كلاهما يلاحظ شيئاً ثم ينساه، أما رجل العلم وطالب العلم فإنه يهيئ الظروف، ويعد الأدوات، ويفترض الفروض، ويوجه انتباهه، ويشحذ وعيه، وقبل ذلك وأثناءه وبعده يستعين بالله أن يوفقه إلى خدمة مجتمعه ووطنه.
الملاحظة والتجربة الصلة بين الملاحظة والتجربة صلة واضحة، فالتجربة فيما يعبر «ريد» ما هي إلا ملاحظة نقوم بها تحت شروط معلومة، وإذا كانت الملاحظة تسجيل ظواهر بحالتها فإن التجربة تسجيل ظواهر يحددها المجرب فيما يعبر"زيمرمان". حقاً إن من يلاحظ ينصت للطبيعة، ومن يجرب يستجوبها ويضطرها إلى الكشف - وعلينا آباء ومعلمين - أن نعنى بتوجيه أبنائنا الطلاب نحو إعمال أبصارهم وتوجيه ملاحظتهم إلى ما يستحق الملاحظة من ظواهر الكون أو البيئة، فتنمو لديهم ملكة الملاحظة والإصغاء لصوت الطبيعة، وحب إجراء التجارب، ورصد الحقائق. علينا أن نعنى بإنشاء المعامل وتزويدها بكل ما يلزم الطالب، وهو باحث مبتدئ سوف يكبر وتنمو معه قدراته البحثية، ننشئ المعامل بكل أنواعها، ولا نكتفي بنوع واحد منها، فهناك في الواقع ستة أنواع من المعامل، يوضحها ويبين أهداف كل منها ودور المعلم في كل نوع. هكذا كنا.. لقد تقدمت العلوم في ظل الحضارة الإسلامية تقدماً شهد به علماء الشرق والغرب، واعترف بفضله وأثره عليهم علماء أوروبيون متتابعون منذ روجر بيكون، في القرن الثالث عشر الميلادي، وكان للإسلام فضل إحداث وتوجيه هذا التقدم الذي تم في بلاد المسلمين، أو في دار الإسلام، ذلك لأن القرآن الكريم حث على العلم ودعا إلى التعلم مطلقاً، ووجّه بصفة خاصة إلى النظر والمشاهدة الحية والاعتبار، نجد هذه الدعوة إلى النظر والتأمل في آيات كثيرة منها قوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت وإلى السماء كيف رُفعت وإلى الجبال كيف نُصبت وإلى الأرض كيف سُطحت....}، ودعا القرآن الكريم إلى الملاحظة ساعة أن جعل أدواتها البشرية مسؤولية وأمانة {ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}. وعندما أنكر واستنكر عدم استعمال القلوب والحواس {لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}. وإذ دعا إلى التثبت والابتعاد عن اتباع الظن {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون}.
دعوة للتأمل و نذكر قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها، ومن الجبال جدَدٌ بِيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها وغرابيبُ سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلفٌ ألوانه كذلك إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ، إن الله عزيز غفور}. ففي هذه الآيات دعوة إلى ملاحظة ودراسة اختلاف ألوان الثمرات والأحجار والناس، وهي دراسة تؤدي إلى معارف متعددة في مجالات الزراعة والجيولوجيا (علم طبقات الأرض) وعلم السلالات البشرية. الملاحظة المقصودة المتعمدة والدقيقة خلق من أخلاق علماء المسلمين تَحقق لهم بعد حسن الإصغاء إلى توجيهات القرآن الكريم، فأنجزوا الكثير من الاكتشافات لنا وللإنسانية. ابن الهيثم يلاحظ ويستقرئ يصف الحسن بن الهيثم مؤسس علم الضوء وصاحب كتاب المناظر، يصف طريقة الملاحظة ومنهج الاستقراء في موضوع الإبصار ورؤية الأشياء بصفة عامة فيقول «... ونبتدئ باستقراء الموجودات، وتصفح أحوال المبصرات، ونميز خواص الجزئيات، ونلتقط باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار، وما هو مطرد لا يتغير وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس... ثم نترقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ من الغلط في النتائج، ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوى، ونتحرى في سائر ما نميزه وننقده طلب الحق لا الميل مع الآراء». تعكس عبارة ابن الهيثم كثيراً من خصائص منهج العلم التجريبي التي انتقدها منطق أرسطو، وقد أخذ باحثو الغرب في العصر الحديث هذا المنهج عن علماء المسلمين مثل ابن الهيثم وابن النفيس وابن البيطار، وعلينا في عصرنا هذا وفي نهضتنا تلك أن نمضي على خطى أسلافنا في تلك الناحية المهمة: الملاحظة العلمية وإجراء التجارب، مع الإفادة من علماء الغرب وما ذكروه من توجيهات منهجية. | |
|
nina chinouia مشرفون المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 950 نقاط : 1080 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 14/12/2009 العمر : 33 الموقع : alg المزاج : cooooooool
| موضوع: رد: ♣ طلابنا يبحثون، يلاحظون ويكتشفون ♣ الثلاثاء 29 ديسمبر 2009, 15:46 | |
| | |
|
المدير العام Admin
الجنس : عدد المساهمات : 1679 نقاط : 3162 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 17/11/2009 العمر : 34 الموقع : الجزائر
| موضوع: رد: ♣ طلابنا يبحثون، يلاحظون ويكتشفون ♣ الثلاثاء 29 ديسمبر 2009, 23:22 | |
| | |
|